الخميس، 3 أكتوبر 2013

الشباب وتطلعات المستقبل

الشباب وتطلعات المستقبل

 


الشباب هم صمام الأمان ، وقوة للأوطان ، وهم عُدَّة الأمم وثروتها وقادتها ، فتأمل إلى الدور الذي قام به علي بن أبي طالب في شبابه عندما نام مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة وتحمَّل في سبيل ذلك المخاطر ، وكذلك وضع أسامة بن زيد على رأس جيش به كبار الصحابة ولم يتجاوز عمره تسعة عشر سنة ، ومواقف الشباب في الرعيل الأول والذي تلا ذلك جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا تبرز مواقف عدَّة تبين من خلال ذلك بطولات وطاقات الشباب ، وشرعنا المطهر أوضح اهتمامه بهذه المرحلة كي تكون عدة يعتد بأيامها لمستقبلها الدنيوي والأخروي ، ونحن من خلال هذه الإضاءات عبر هذه المقالة ، نتطلع إلى المستقبل الذي يحتفي .. ويربي .. ويستثمر .. ويحمي الشباب.. لأن الشباب هم مقياس تقدم الأمم وتأخرها ، ومعيار رقيها وانحطاطها، والواقع اليوم يشهد قلة اهتمام من الحكومات والمؤسسات في الإهتمام بأعظم ثروة عندها وهي الشباب ، فالنتاج اليوم وكل يوم نجد بأنه نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح ، وعمل مترجم ، ورؤية مستقبلية ناضجة ، ونحن بهذا الحكم لا ننكر بروز بعض الجهود المبذولة في خدمة الشباب ، إلا أن ذلك يعتبر نقطة في بحر مما يجب فعله لهذه الثروات القوية التي تتجدد بتجدد الأيام والأعوام ..

( ابن منظور أورد كل المعاني المشتقة من الجذر اللغوي (شبَبَ) وسأذكر بعض المعاني والصفات التي لها ارتباط بالموضوع ..
1- الشباب : هو من جاوز البلوغ، والفتوة هي متوسط الشباب .
2- الشبب هو أول النهار، ويتضمن معنى التفتح والاستبشار بالحياة والمستقبل .
3- رجل مشبوب أي ذكي الفؤاد, ذو القلب المتوقد بالحيوية والحركة .
4- الشّاب هو الفرس القوي الذي يشبُّ على قدميه , والشباب كذلك يتسم بالقوة والمغامرة وتحدي الصعاب.
5- المشابيب أي القادة, ومن يقود المجتمعات إلا الشباب فهم أداة كل تغيير اجتماعي، وسياسي، وأخلاقي, ولذلك قيل: "شباب اليوم أشياخ الغد".
ويقول صاحب القاموس المحيط, الفيروز آبادي: "والشباب في اللغة من (شبَّ) وهذه اللفظة تدل على: الفتوة، والقوة والنشاط، والحركة، والحسن، والارتفاع، والزيادة في النماء ).. (1)
طاقات الشباب والمستقبل .. 

الشباب هم مصدر الانطلاقة للأمة ، وبناء الحضارات ، وصناعة الآمال ، وعز الأوطان ، ولذلك هم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها ، وبالسهو عنها يكون الانطلاق بطيئا ، والبناء هشا ، والصناعة بائدة ، والمذلة واضحة ، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات للشباب ، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعلها التفعيل المدروس ، حتى يتم استثمارها ، واعتبر بأن هذا المشروع الاستثماري له أرباح مضمونة متى ما وجد اهتماما بالغا من الحكومات والمؤسسات ، والتطلع المنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل إيجابي تتناول طاقة الشاب وتنميها ، حتى يكتسب المهارة والإتقان 0

وينبغي أن يكون تنفيذ التدريب من خلال الوسيلة العلاجية – وتهدف إلى تصحيح الأخطاء ، ثم الوسيلة الفعالة ، وتهدف إلى إعانة مباشرة للممارسة والتطبيق ، ثم الوسيلة الإبداعية – وتهدف إلى زيادة الدافعية نحو التجديد والإبداع0
قاتل إبداع الشباب .. 
مع تجدد الثقافات وانتشار العلوم والتقنية ، اتجه بعض الشباب إلى الأخذ بزمام النتاج الثقافي الكاسد الذي يجسد ضعف الإيمان ، ويهشم المبادئ ، وصناعة قاتل الإبداع والعمل هو الفراغ ، فهو سم الحياة ، وقاتل الإبداع ، ومبيد الطموح .. كيف لا يكون ذلك ونحن نشاهد ضعف واقع بعض الشباب اليوم ، فهم إما على الطرق سائرون ، أو على الشبكات العنكبوتية غافلون ، أو عبر شاشات الفضاء غارقون ، وما أقصده هو قضاء الوقت على ذلك أو غيره في غير المفيد ..
إنه عندما يُفكر في القضاء على الفراغ في حياة الشباب بمشاريع تحفظ أوقاتهم ، وتجذب أنظارهم ، وتفتق إبداعهم ، يكون ذلك عونا على المستقبل المشرق البراق الذي ينبئنا بقدوم حضارة قوية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء ، وعلى ذلك ينبغي أن يكون المستقبل يهتم بجميع فئات الشباب ، فالكل يـُستفاد منه ، والتطلع ليس لاستثمار المبدع والموهوب فقط ، بل يكون ذلك لكل شاب حتى تتنوع الطاقات ويقتل الفراغ ، ومن الملاحظ أن هناك بدايات جيدة في الإهتمام بالمبدعين على حسب المجالات وهذا يبشر بنهضة مباركة بإذن الله ، لكن الذي قد يتسبب في توقف وفتور هذه النهضة ، هم الشباب الذين لا اهتمام لهم ، بسبب سلوكياتهم ، وضعف قدراتهم ..
إن المتأمل في الأنشطة المقامة ، والمشاريع التي تهتم بالشباب تهمش انتماء أكثر الشباب بحجة ضعف قدراتهم ، أو عدم الاستفادة منهم ، وهذا يشكل خطرا على المجتمع لأنهم قد يهدمون البناء ، وينشرون الفساد ، ويقللون من الرُّقي المنتظر ، وهذه معادلة ينبغي تفصيلها واستنباط معطياتها ثم البدء في خطوات حلها حتى تحصل الآمال من الشباب الرجال .. 

ظاهرة الإحباط .. 

يؤكد علماء النفس بأن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به أكثر قوة عند الشباب ، وهذا نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه من كبت وعدم اهتمام ، والمستقبل المنشود هو تخفيف المعاناة والتقليل من هذه الظاهرة ، والواقع يشهد تعقيدا مركبا في حاجياته وصعوبة تحقيق متطلباته ، إذ أنه من المتحتم على الحكومات والمؤسسات القضاء على مسببات هذه الظاهرة حيث أن على مقدمة ذلك البعد الديني والاستسلام لإملاءات أهل الهوى والزيغ ،و البطالة التي تسيطر على واقعهم، والضغط الاجتماعي الذي لا يرحم أخطاءهم ولا يقف بجانبهم في الوقاية أو العلاج في احتياجاتهم معنويا وماديا , وغير ذلك من بذور الإحباط التي نبتت بماء الواقع البئيس في حياتهم..
تجديد الخطاب التربوي .. 

لا ينكر أحدا الانفتاح الذي يتفاعل معه الشباب من الخطاب العاطفي الموجه له بالصوت والصورة ، والتقنيات المؤثرة سلبا على عقولهم ، حيث أنهم يتفاعلون مع معطياتها بشكل كبير لجاذبيتها وتوافق أهوائهم معها ، ومن هنا ينبغي أن ننطلق في بناء الخطاب التربوي وتجديده من أجل أن يجسد متطلبات الشرع والحياة في حياة الشباب ، ومن الضروري أن نبتعد عن الخطاب التقليدي بكل ضروبه ، لأن ذلك لا يمثل تأثيرا في ظل هذا الكم الهائل من الثقافات المتجددة المؤثرة ، والخطاب التربوي المبدع يمنع شبابنا من أن يكونوا لقمة سائغة لتيارات الفساد والإنحراف ..

لماذا الدعم المادي عائق مباشر في مسيرة الشباب ؟ إننا نعجب من أموال طائلة تنفق على موائد طعام في حفل تكريم ، أو مهرجان في ظرف ساعة ، أو على مشاريع يظهر لنا منها الإسم ويذهب من جوفها المضمون ، أو أي شيء ينفق في مشاريع تنتهي أهميتها بانتهاء زمنها ، ومع أهمية ذلك لهم ، نود أن يهتموا بالثروة الأقوى والأعظم ، ويهيئوا لها ميزانيات ضخمة ، تجمع الشتات الفكري والتربوي والتنموي لدى الشباب ، أم أنهم اعتادوا دعم المحسنين أو التجار !! ففي بعض البلاد الإسلامية لا حاجة لأن تقوم الجهات الخيرية بأنشطة ومشاريع شبابها ، لأن الحكومات تستطيع أن تدعم ذلك بكل يسر وسهولة وعندما يحصل ذلك ، تستطيع أن تحاسب على النقير والقطمير ، وتتابع العمل عن قرب ، وإذا قال قائل هناك دعما ملموسا واضحا على المؤسسات الشبابية في بعض الدول الإسلامية .. نقول له صدقت هناك دعما ضخما على مؤسسات شبابية تحقق مصلحتها من وراء ذلك فقط ، وتركز اهتمامها في دعمها على فئات تمثل جزءا بسيط من المجتمع الشبابي ، ومع هذه العبارات أعيد كتابة هذا السؤال لكي نجد من يجيب عليه بصدق وشفافية .. لماذا الدعم المادي عائق مباشر في مسيرة الشباب ؟
مقترحات عاجلة لاحتواء الشباب وبناء مستقبلهم وتحقيق آمالهم .. 
 تثقيف المجتمع بالتعامل الأمثل مع أخطاء الشباب .. ضرورة تفعيل البناء التربوي والبرامج الوقائية من خلال المدارس في جميع مراحلها .. تفعيل النوادي الثقافية والرياضية داخل الأحياء والإسهام في إعداد القائمين عليها .. تكثيف النوادي الصيفية ودعمها ووضع الخطط الإبداعية في ارتقاءها .. تكثيف المخيمات الشبابية التي تحتفي وتحمي وتربي وتستثمر الشباب بشكل متواصل .. إعداد قنوات فضائية تهتم باهتمامات وهموم وتطلعات الشباب ومن ذلك :-
- قناة تختص بتعليم القرآن حيث يتم إظهار برامج وأنشطة جميع حلقات التحفيظ على مستوى العالم ...
- قناة تختص بعلاج مشاكل وهموم الشباب ...
- قناة رياضية تقوم بتهذيب الوسط الرياضي وتلبي متطلبات الشباب الرياضية بعيدا عن الإحتكار الموجود..
- قناة متخصصة في إظهار الإبداع والثقافة والتميز لشباب العالم الإسلامي ..
وغير ذلك من القنوات التي تهتم بالشباب لأننا نعيش في عصر الإعلام الفضائي ، وينبغي علينا استغلال هذه المرحلة في صيانة مستقبل الشباب عن طريق ذلك ..
 النظر في إعادة صياغة المناهج الموجودة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعتنا ، والإهتمام بالكيف والهروب من الكم .. ضرورة الإسهام في التخفيف من الصوارف التي تصرف الشباب عن الاهتمام والإبداع.. القضاء على الموانع التي تمنع الشباب من الزواج المبكر .. الوقوف بجانب الشباب المبتعثين وضرورة استغلال فترة دراستهم فيما يعود بالنفع لهم ولأوطانهم وأمتهم ، وحمايتهم من الثقافة التي قد تقود إلى الهدم والانحلال .. بناء الثروة الاقتصادية عن طريقهم ، ويكون ذلك عن طريق توفير الدعم المادي حيث يكون هناك قرض مادي يساعد على تمكن الشاب من بناء مشروع اقتصادي ولو كان بسيطا .. إنشاء المؤسسات الشبابية الحكومية والخاصة التي تظهر الإهتمام ، وتظهر التنافس البنـَّـاء في خدمة الشباب ..

وفي النهاية .. أشعر بأن هناك آمال تشاركنني في صباحي ومسائي حول مشروع الرقي
بصناعة مستقبل الشباب ، أرجوا أن يتحقق ولو شيئا منها ، والتفاؤل يغمرني بحصول ذلك بإذن الله ، أسأل الله أن يعمر أوقاتنا وحياتنا بما يرضيه إنه جواد كريم .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق