يرجع العلماء ان الشكل الأول للطبول كان يتالف من جذع شجرة مجوف يستحدث نغمتين متمايزتين من كل فتحة من فتحتي الجذع ، وكانت الطبل تقرع بالعصا أو العظام فيحدث ذلك دويا يحمل في أعطافه معنى القوة ، والآثار الباقية من تلك الطبول يبلغ حجمها عشرين قدما من حيث الطول وسبعة أقدام من حيث العرض ، وأخذ هذا الحجم يقل تدريجيا بمرور الزمن ، ولقد أصبحت الطبول من الأدوات التي لا يمكن الاستغناء عنها عند الانسان البدائي ، ذلك لانه كان يعتقد ان لها قوّة سحرية خارقة الى جانب وظائف أخرى تتصل بحياته وعلاقاته وارتباطه ببيئته ، وكان ذلك الانسان يتصور انها أقدس الآلات الموسيقية ومن ثمّ أتيح لها ان تتطور وأن تتخذ في تطورها أشكالا مختلفة .
وليس من شك في ان الطبول قد استخدمت في كثير من البلاد في الاحتفالات الدينية ، وكان الكهان يحرصون على قرعها بطريقة معينة تحدث للمستمع حالة من الوجد تجعله ـ كما كانوا يعتقدون ـ صالحا للاتصال بالآلهة والقوى الروحية ، وكانت الطبول تقرع عند تلاوة التعاويذ لطرد الأرواح الشريرة ، وعند تقديم القرابين للآلهة .
ويرتبط الرقص والغناء ارتباطا وثيقا بالطبل وتتنوع الرقصات بتنوع ايقاعات الطبول وعلى دقاتها الرتيبة تقوم الراقصة بأداء رقصة تعبر بها عن الآلام التي تشعر الأم قبل أن تضع مولودها فيتلوى جسد الراقصة ويختلج تعبيرا عن آلام المخاض ، وعلى ايقاعاتها الساحرة تنهض الجماعات بالرقص في حفلات الزواج والختان ، وفي احتفالات الصيد والحصاد ، وعلى أنغامها ترقص الجماعات البدائية استجلابا للمطر ودفعا لأذى الأرواح الشريرة واسترضاء للقوى الخارقة ، وعلى دقاتها القوية تؤدي الجماعات رقصات الحرب ، ومن بين الرقصات التي تعتمد على ايقاعات الطبول الرقصات التي تهدف الى الشفاء من الامراض .
ولا يعرف ، على وجه التحقيق ، أصل الطبل ، وتزعم بعض القبائل البدائية انهم عرفوا الطبل عندما شاهدوا طائرا يضرب الأرض بذيله الذي يشبه الطبل فيحدث ايقاعات ساحرة . وترتبط الطبل في أذهان كثير من الشعوب البدائية بعملية الاخصاب ، وهي ترمز للانثى عند كثير من القبائل بينما ترمز العصا التي تطرق بها الطبل الى الرجل .
واذا كانت الطبل تحمل هذا المفهوم الجنسي عند بعض البدائيين فانها تعين بعض المجتمعات الاخرى على التغلب على شهوات الجسد والسمو بالروح ، ويتضح هذا في الحفلات التي تقيمها بعض الطوائف الصوفية في مصر وغيرها من البلاد .
وترمز الطبل في بعض الحضارات الشرقية الى مفاهيم اكثر تجريدا فنجد مثلا ان الاله الهندي ( شيفا ) يقترن مظهره الراقص بطبل صغيرة على شكل ساعة رملية ، تمثل الصوت والاتصال والوحي والرقية والسحر .
واذا كانت الطبل قد استخدمت في بعض المجتمعات لتضفي هالة من القداسة على بعض الاشخاص فانها قد استخدمت ايضا عند تنفيذ حكم الاعدام في بعض الخونة والمجرمين وقرعت لكي يعلم القاصي والداني بما لحق هؤلاء من عار بسبب مسلكهم الشائن .
وعندما كان ينتشر وباء معين في بعض المجتمعات البدائية كان الأهالي يختارون عددا معينا من الضحايا يسوقونهم أمامهم خارج القرية على دقات الطبول ، ويطردون منها اعتقادا بأنهم يحملون معهم الوباء الذي حلّ بالقرية فيستعيد سكانها قواهم وينعمون من جديد بالصحة والعافية .
وكثيرا ما تثبت بالطبل بعض الجلاجل اذ يعتقد انها تضفي عليها قوة سحرية خاصة ويعتقد ان الطبل تظل لا تحدث صوتا الا أن يبتهل قارع ال
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق