كشف رئيس الجمعية الجزائرية لمنتجي وتجار اللحوم السيد رمرام محمد الطاهر في منتدى "الشروق" عن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار اللحوم، والتي أرجعها إلى النزيف الحاد في الثروة الحيوانية بسبب ذبح 80 بالمائة من النعاج في المسالخ السوداء، وارتفاع نسبة الوفيات وسط المواشي إلى 10 بالمائة بسبب الرعي البدائي، بالإضافة إلى اعتماد الجزائر على الاستيراد بدل تشجيع الاستثمارات الكبرى في التربية الحيوانية، وأكد أن تجار اللحوم المجمَّدة لا يحترمون نسبة التبريد مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك، وقال إن أسعار الدجاج في رمضان ستعرف تراجعا غير مسبوق بسبب دعم المنتجين، كما حذر من الاقبال على استهلاك "مرقاز" بأسعار بخسة لا تتجاوز 200 دج، وقال إنه قد يكون منتَجاً من لحوم الحمير.
أكد ضيف "منتدى الشروق" أن أسعار الدجاج في رمضان ستشهد انخفاضا غير مسبوق، وسيبدأ سعرُها في الأيام الأولى بـ250 دج للكلغ، مثلما حددته وزارة التجارة بسبب ارتفاع الطلب، وبعد ذلك تتراجع أسعارُه تدريجيا مما سيجعل اللحوم البيضاء الحاضر الأكبر على موائد الجزائريين خلال الشهر الفضيل، وقال إن سبب تراجع الأسعار راجعٌ إلى سياسة الدولة مؤخرا في دعم المنتجين عن طريق إلغاء العديد من الرسوم الخاصة بمأكولات الدواجن والسخاء في منح القروض والآلات الحديثة لتربية الدواجن، وأول ثمار هذا الدعم الإستراتيجي ستقطفه وزارة الفلاحة خلال شهر رمضان المقبل الذي سيكون عكس السنوات الماضية التي عرفت فيها أسعار اللحوم البيضاء ارتفاعا قياسيا.
وبالنسبة لأسعار اللحوم الحمراء في رمضان، فسترتفع بنسبة 10 بالمائة خلال الأيام الأولى بسبب كثرة الطلب والذي يكون في كثير من الأحيان غير عقلاني، ما يجعل تجار الجملة يرفعون الأسعار بسبب الإقبال الكبير للمواطنين على المذابح لشراء كمِّيات كبيرة من اللحوم إلى درجة أن الكثير من العائلات تفضِّل شراء كبش مسلوخ مع بداية رمضان، مما يجعل الطلب يفوق العرض بأضعاف، وأكد المتحدث أن الثقافة الاستهلاكية العشوائية للمواطن هي سبب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والتي ستتراوح أسعارها في رمضان مابين 1200 و1400 دج.
تجار اللحوم المجمدة لا يحترمون درجة التبريد
أكد رئيس جمعية اللحوم أن الجزائر تستورد كميات كبيرة من اللحوم المجمدة من أربعة دول وهي أستراليا، الهند، نيوزلندا والبرازيل، بسبب الإقبال المتزايد على هذه اللحوم من العائلات محدودة الدخل التي لا يمكنها اقتناء اللحوم الطازجة التي تزيد أسعارها عن 1000 دج للكلغ، وكشف أن أغلب التجار لا يحترمون درجة التبريد في حفظ اللحوم المجمدة، والتي يجب أن لا تتعدى 20 درجة تحت الصفر، وهذا ما يجعل هذه اللحوم تفقد فعاليتها وسلامتها، ما يجعلها غير صالحة للاستهلاك، وقال السيد محمد الطاهر إن كل تاجر للحوم المجمَّدة يجب أن يمتلك مقياس درجة حرارة اللحوم المجمدة المعروضة للبيع من أجل تمكين المواطن من الإطلاع عليه، وكل تاجر لا يملك مقياس الحرارة فإنه يبيع لحما مجمدا غير صالح للاستهلاك بسبب عدم احترام درجة تبريده.
80 بالمائة من النعاج الجزائرية تذبح في المسالخ غير المراقبة
الجزائر تعاني من نزيف حاد في الأغنام بسبب ارتفاع نسبة ذبح"الرخلة" النعجة إلى 80 بالمائة في المسالخ السوداء والمذابح الخاصة، التي تغيب عنها عيون الرقابة.. هذا ما كشف عنه محمد الطاهر الذي أرجع سبب تفشي هذه الظاهرة إلى تراجع تربية المواشي التي تحوّلت إلى تجارة يسيطر عليها شباب و"بڤارة" لا علاقة لهم بعالم المواشي، يعملون على شراء ذكور الأغنام من أجل تربيتها لمدة محدودة وبيعها في العيد الأضحى، ومع تفشي هذه الظاهرة تراجعت أعداد الماشية في الجزائر إلى أقل من 20 مليونا على عكس ما تروِّج له وزارة الفلاحة، وإذا لم تحارب السلطات الوصية هذه الآفة فإن أعداد الأغنام ستتراجع أكثر، وسيساهم ذلك في رفع أسعار اللحوم لأكثر من 2000 دج للكغ.
قرارٌ سياسي خاطئ ألهب أسعار اللحوم
قال محدثنا إن أسعار اللحوم سنة 2011 كانت لا تتعدى 700 دج للكلغ، وهذا ما لم يعجب الحكومة التي اتخذت قرارا ارتجاليا بذبح كميات كبيرة من الأغنام وتجميدها بهدف تخفيض أسعار اللحوم في رمضان إلى 600 دج، وهذا ما جعل المذابح تذبح ملايين الأغنام لتحوّلها على غرف التبريد والتجميد، ما تسبب في نزيف حاد في عدد الأغنام، وما حصل في رمضان أن المواطنين رفضوا شراء هذه اللحوم المجمدة وزاد الطلب على اللحم الطازج الذي انتقلت أسعاره خلال أربعة أيام في أسعار الجملة من 600 دج إلى 1200 دج، ولم تتمكن الحكومة بعد ذلك من التحكم في أسعار اللحوم بسبب تراجع الإنتاج من 800 ألف طن إلى 400 ألف طن، ما سجل عجزا يقدر بـ600 ألف طن تستوردها الجزائر من الخارج على غرار فرنسا وإسبانيا.
تهريب الماشية المغربية أنقذ الجزائر من أزمة لحوم
بعدما كانت الماشية تهرب من الجزائر إلى المغرب بفضل جودتها وجمال شكلها، حدث العام الماضي العكس، حيث هربت كميات كبيرة من الأغنام المغربية إلى الجزائر قبيل شهر رمضان، ما ساهم في إنقاذ السوق الوطنية من أزمة حقيقية في اللحوم، هذا ما أكده ضيف "منتدى الشروق" الذي قال إن سعر لحم الخروف المغربي لا يتعدى 600 دج للكغ، مقابل 1200 دج بالنسبة للحم الخروف الجزائري، وهذا ما شجع الكثير من تجار اللحوم على أن يعتمدوا على تهريب الماشية المغربية التي أنقذت الجزائر العام الماضي من أزمة لحوم ولولاها لارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات قياسية.
"مرڤاز" لحم الحمير يباع بـ200 دينار
أكد مصدرنا أنه ما يزيد عن 200 ألف طن من اللحوم الحمراء تسوَّق في الأسواق الموازية تحت أشعة الشمس ووسط الغبار والأتربة، ومع غياب الرقابة على هذه الأسواق فإن عددا معتبرا من التجار عديمي الضمير يلجأون إلى تسويق لحوم الحمير التي تتشابه مع لحوم البقر، ولا يمكن لمواطن عادي أن يفرق بينهما، وهذا ما يجعل اللحوم الحمراء في هذه الأسواق تسوّق بأثمان بخسة تقل عن 600 دج للكغ مما يجعل المواطنين يقبلون عليها دون التأكد من سلامتها وحتى مصدرها، وأضاف محدثنا أن بعض التجار يحولون لحوم الحمير لصناعة "المرڤاز" الذي يسوق بـ200 دج للكغ وهذا ما ساهم في انتشار التسممات الغذائية والأمراض المعدية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق