الهجرة حلم لمعظم سكان العالم الثالث والدول التي تعاني من أزمات اقتصادية أو أمنية. فالمهاجر يعتبر صفقة مربحة للبلد الذي يهاجر إليه, وبالمقابل البلد الجديد يعد أملاً بحياة كريمة وآمنة للمهاجر. إن بلدان الاقتصادات المتطورة والمعقدة تحتاج إلى مهاجرين جدد كل عام, فالمهاجرين الجدد ينشطون الدورة الاقتصادية ويأخذون النسبة العظمة من المهن التي لا يرغب أن يعمل بها سكان البلد الأصليين, كورشات التنضيف والمطاعم. لكن غالبية المهاجرين لا خبرة لها في قوانين ولغة البلد المضيف, فيصبح المهاجر عرضة للغش والإستغلال من قبل أرباب العمل ذوي الخلفية المهاجرة.
يرث بعض المهاجرين جينات الخداع والمكر والفوضى من بلدانهم. حيث يحملون حقداً دفيناً تجاه القوانين والأنظمة, ويعشقون مخالفتها والتهرب من دفع الضرائب. إن أغلب من يسير على خطى القوانين يصبح أضحوكة الأقارب والأصدقاء. وفي الوقت نفسه ينتقد المهاجر حياة بلده الأم حيث الفوضى وعدم الالتزام بالقانون والعنصرية المقيتة تجاه الأقليات. وعندما يصل إلى البلد الجديد يغازل النظام والقانون في العلن ويخالفه في أدق التفاصيل في الخفاء, ويعيش حريته الكاملة "كذكر" ويطبق ديكتاتوريته التي ورثها من بلده الأم على عائلته.
يدّعي بعض ارباب العمل (ذو الخلفية المهاجرة) ويتحدثون بمضض عن معاناتهم عندما وفدوا إلى البلاد, وكيف أنهم رضيوا بأصعب المهن وعانوا الأمرين في البداية مع مبالغة طفولية "رشة بهارات" كما يقال بالعامية. لأنه وبكل بساطة شروط الحصول على إقامة منذ 25 عاماً مثلاً لجيل المهاجرين السابقين كانت أسهل وأبسط بكثير إذا حاولنا مقارنتها بصعوبة الحصول على الاقامة في هذه الفترة, وشروط الحصول على الإقامة الدائمة, وإقامة العمل أو اللجوء الإنساني أو السياسي والإقامة المؤقتة أو شروط الزواج من مواطن/ مواطنة, فضلاً عن تدفق المهاجرين كالسيول.
فيصبح من شيم بعض أرباب العمل (ذوو الخلفية المهاجرة) أن ينصبوا ويخدعوا الحكومة والعمال على حد سواء. ويقارنون دخلهم الحالي بدخلهم السابق قبل تطبيق أنظمة الضرائب الجديدة, حيث كان التهرب الضريبي سهل كشربة الماء. فيصبح تعويض الفارق بعصر و"معس" المهاجرين الجدد وإخراج "معلاق" المعترين والمساكين الباحثين عن لقمة العيش والحالمين حتى بالإقامة المؤقتة.
هناك الآلاف من حالات وطرق النصب والخداع والاستغلال, كالزيادة في ساعات العمل (فمعدل ساعات العمل الطبيعي في دولة كالسويد مثلاً, حسب القانون السويدي 40 ساعة في الأسبوع بمعدل 8 ساعات يومياً) فمن شيم رب العمل "المهاجر السابق" أن يوظف المهاجرين الجدد لما يزيد عن 50 و 60 ساعة في اليوم بمعدل 10 ساعات في اليوم أو أكثر, مع يوم واحد للعطلة. أما الإستراحة الواجبة أثناء دوام العمل هية ساعة ونصف تقريباً لكل 8 ساعات عمل مقسمة على دفعتين, فتكون أكثر استراحات المهاجرين الجدد 20 دقيقة لكل 10 ساعات وتناول وجبة الطعام ماراثونياً. والتأمين هو أحد المستحيلات لدى بعض أرباب العمل, إلا إذا كان منحدراً من سلالة حاتم الطائي مباشرة!
إن الإجازة السنوية القانونية هي تقريباً من أربعة إلى خمسة أسابيع في السنة. أما لدى أعزائنا أرباب العمل المهاجرين "إن وجد مفهوم الإجازة السنوية لديهم" فهي اسبوع او اسبوعين في اكثر الأحوال ومقطوعة الراتب أيضاً. أما الراتب فيكون قليل بشكل ظالم ولا يكفي لسد لقمة العيش ودفع أجار المسكن. ولا يكون دفع أجر الساعة مضاعفاً في حال كان العمل ليلاً أو في أيام العطل "حسب القانون السويدي مثلا". مستغلين حاجة المهاجر الجديد أو جهله بالكثير من القوانين والحقوق والواجبات وافتقاده لمهارات اللغة. مما يربط حياة ومستقبل ومصير المهاجر الجديد بمزاجية رب عمله.
فإذا كان في حالة مرحة فيتوجب على الجميع الشعور بالغبطة والسعادة فـ"نصف الإله" فرح, أما إذا كان "جنابه" قد خاض معركة في المنزل مع زوجته أو أولاده فيكون مصير العمال "البهدلة" الفورية في حال حصول أي خطأ أو عندما يقوم أحد العمل بالسؤال عن شيء ما, وقد تصل العقوبة أحيانا إلى حد الطرد من العمل, فيدخل رب العمل مزاجه الخاص على مزاج العمل والعمال ككل. ويرى من الصعوبة الفصل بين حياته الخاصة والحياة العملية. لا ننسى أنه من الصعب توثيق هذه الحالات فما من أوراق تثبتها, حيث يجري الإتفاق وإنهاء العمل في أغلب مهن المهاجرين بالإتفاق الكلامي والشفهي أو بطرق غير قانونية.
ما من رب عمل (ذو خلفية مهاجرة) يرغب بأن يعمل أبناءه بنفس مهنته, حيث يصفها بالمهنة "الحقيرة" والمتعبة, لكنها جيدة و"نعمة" للمهاجر الجديد الذي يتوجب عليه أن يرضى بالأمر الواقع ويتحمّل "منيّة" رب العمل بأنه وجد عملاً وأخيراً. إلا إذا أراد توريث "كرسي الحكم" لأحد أبناءه فهذا حديث آخر, فهو يكون قد حضّر ديكتاتوراً جديداً لإذلال المهاجرين الجدد.
هذه المشاكل متجذرة في مجتماعتنا العربية ومترسخة في ثقافاتنا حيث تخلوا بلداننا من شروط الراحة والأمان والكرامة كالتي في الدول المتقدمة مثلاً. حيث يتوجب على بعض المهاجرين نشرها في البلد المضيف ليعاني منها المهاجر الجديد أكثر من غيره.
إن من واجبنا أن نقوم بنشر المعلومة المفيدة لكل من نعرف وأن نقف في وجه كل استغلالي يحقد على القانون, ونحاول توعية المهاجر الجديد وحضه على الدراسة وتعلم القوانين. حيث تقدم مدارس (كالحكومة السويدية مثلاً) برامج مخصصة للوافد الجديد كالتوعية بالقوانين والتعريف بالمجتمع السويدي والتعليم المجاني والراتب
والمكافئات مقابل الدراسة "ما من أحد يحصل على راتب ومكافئآت مادية مقابل دراسة في مدارس بلداننا الأم" فضلاً عن أن مدارس (الحكومة السويدية) إحدى أفضل المدارس على المستوى العالمي. ويتوجب علينا أن نساعدهم في تعلم اللغة الجديدة كي لا يكونوا عرضة للنصابين المستعدين لاستغلال وانهاك اليد العاملة الباحثة عن لقمة العيش والكرامة والأمان التي لو كانت متوافرة في بلادنا لما وجدنا هنا في الأساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق