حذّر تقرير صحي من ذبح خروف العيد أمام الأطفال لما قد يعرضهم له من مخاوف غير محمودة العواقب، خصوصا إذا كان الطفل قد اصطحبه والده لشراء خروف العيد فيسعد الطفل بوجوده ويساهم في تقديم الطعام والشراب لهذا الكائن الجديد الذي دخل منزله. وقد يعمد بعض الأطفال لاتخاذ خروف العيد صديقاً له يجري خلفه محاولا الإمساك به ، يفرح الطفل بتلك المغامرات ويرتبط وجدانياً بذلك مما قد يسبب له صدمة بفقدانه.
ارتبط الخروف عند الصغار بصورة الحيوان الأليف، الأقرب لعالم الطفولة وبطل الحكايات وقصص ما قبل النوم؛ إلا أن المخيلة التي صنعت هذه الصورة الجميلة للخرفان الصغيرة، وخلقت هذه الألفة، تمكنت من تحويل عيد الأضحى إلى مأتم عزاء عند الصغار، بسبب مشاهدة كثير منهم للخروف أثناء ذبحه، الأمر الذي حمل مختصين على التحذير من الأضرار النفسية التي تلحق بالأطفال نتيجة تلك المشاهدات، والانعكاسات السلبية التي تؤثر على شخصيتهم، ما قد يتسبب في تكوين عقد نفسية قد تصل إلى كره الشخص الذي قام بعملية الذبح، خاصة إن كان تربطهم به صلة قربى. وقد يصل الأمر لدرجة الجزع من أكل اللحوم الحمراء.
وطالب التقرير بوجوب التهيئة في صبيحة يوم العيد للطفل وشرح الهدف من الأضحية وقصة مشروعيتها وأنها تقرّب إلى الله سبحانه وتعالى وفداء للإنسان فقد تكون الصدمة كبيرة عندما يذبح هذا الصديق ويسلخ ويقطع لحمه أمام عيني الطفل فضلا عن رؤية منظر الدم وطريقة الذبح والتي قد تؤثر على الطفل الذي لم يتلق المفاهيم الأساسية لتلك السنة المطهرة أو أنه في سن لا يستطيع استيعاب تلك المعلومات.
وقال مختصون بحسب التقرير الذي نشر مؤخرا، وهذا تحسبا لعيد النحر الذي لا تفصلنا عنه الا ايام معدودة،أنه لا ينبغي أن يرى الطفل مشهد ذبح الأضحية قبل أن يصل إلى سن السعي الذي وصل إليه إسماعيل -عليه السلام-، عندما رأى والده إبراهيم -عليه السلام- أنه يذبحه في المنام وفداه الله بذبح عظيم، وهذه السن هي مرحلة الطفولة المتأخرة التي تبدأ من سن 10 سنوات، عندها يمكنه أن يرى مشهد الذبح؛ ليعرف الهدف من وراء الفداء والأضحية، سواء أكان طفلاً أم طفلة، أما قبل هذه السن.. فلا ينبغي أن يرى هذا المشهد؛ لأنه صعب على نفس الطفل، وعندما يسأل الطفل: أين ذهب الخروف الذي يلعب به ويقدم له الطعام؟ نقول له: ذبحناه مثلما نذبح الدجاج والأرانب والحمام، ومثلما نصطاد السمك لنأكله، وقبل هذا.. يجب أن نظل نقول للطفل أثناء وجود الخروف في البيت قبل الذبح: إننا أتينا بالخروف لكي نذبحه ونأكله في العيد.
من جهته حذر احد المختصين النفسيين، من وضع الأطفال في مواجهة مع الأب نتيجة ذبح الخروف؛ مبينا أن «هذا الفعل سيولد لدى الطفل رابطا سلبيا بمجرد مشاهدة الأب، باعتباره غريما، كونه تسبب في ذبح كائن وديع ومسل من دون وجه حق».
وأوضح أن مشاهدة الأطفال للخروف وهو يذبح، تحمل كثيرا من الآثار والانعكاسات السلبية، منها الكوابيس التي يتعرض لها الأطفال أثناء النوم، نتيجة منظر الذبح والدم الناجم عنه؛ إضافة إلى جزعه من تناول اللحوم، التي قد تستمر معه مدى الحياة.
مشيرا إلى وجود كثير من البالغين ممن لديهم عزوف عن تناول اللحوم الحمراء، بسبب تلك المشاهد. واعتبر الخطورة في مشاهدة ذبح الخروف عند أطفال ما دون العاشرة، تكمن في عدم وجود جانب الإدراك عند نسبة كبيرة منهم، نظرا لصغر السن، رغم أن مسألة الإدراك لدى الأطفال نسبية، وتدخل عوامل كثيرة في نموها تختلف من طفل لآخر.
من جهة أخرى ترى الدكتورة غادة منصوري اختصاصية علم النفس التربوي أن عوامل مثل التدرج في الخبرة، من خلال زيارة الطفل أماكن بيع اللحوم، وشرح وربط الحيوانات الحية والتي حللها الله لإطعام الإنسان، ومن ثم مشاهدة عملية الذبح بشكل مبسط عبر وسائل إعلام جيدة مثل الفيديو – الصور، يمكنها أن تقلل الأثر النفسي السلبي عن الطفل. الأمر الذي يمكنه من فهم الحكمة من مشروعية الأضحية، وبالتالي القدرة على استيعاب المعاني المجردة الخاصة بالموقف، وشددت على أهمية احترام رغبة الطفل، في حضور مثل هذه المشاهد من عدمها؛ الأمر الذي يقلل من الخوف وتحقيق ما سمته «المسؤولية الذاتية للنتائج».
ورغم اعتقاد الكثير من الآباء؛ بأن حضور مشهد ذبح الأضحية سنة نبوية؛ فإن الدكتور عبد الله فراج الشريف المفكر الإسلامي، يؤكد أنه لا يوجد أي نص في الشرع، أو رواية تثبت ذلك، وأن ما ورد في القرآن والسنة “أن افتداء إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم، ليس دلالة على أنه شاهد ذبح الكبش”.
مضيفا: “لا يوجد في الشرع ما يشير إلى ضرورة، مشاهدة الأبناء ذبح الأضحية؛ بل هي مما جرت عليه العادة فقط في مجتمعاتنا”، مؤكدا على أن مشاهدة الذبح ليس في مصلحة الطفل؛ مشيرا إلى رغبة بعض الأسر في تعليم أبنائهم أمور تتعلق بذبح البهائم، وما يتعلق بها من أمور اعتادت عليها العرب، أمر لا بأس بها بشرط أن يكون بعد سن العاشرة مع مراعاة طبيعة الطفل النفسية والشخصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق