الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

ليس الفتى من يقول كان أبي / بل الفتى من يقول ها أنا ذا




لما تولى الحجاج ابن يوسف الثقفي شؤون العراق، أمر مرؤوسه أن يطوفبالليل، فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه، فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان فأحاط بهموسألهم: من أنتم، حتى خالفتم أوامر الحجاج؟

فقال الأول:

أنا ابن الذي دانت الرقاب له

مابين مخزومها وهاشمها

تأتي إليه الرقاب صاغرة

يأخذ من مالها ومن دمها

فأمسك عن قتله، وقال لعله من أقاربالأمير.

وقال الثاني:

أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره

وإن نزلت يوماً فسوف تعود

ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره

فمنهم قيام حولها وقعود

فتأخر عن قتله وقال: لعله من أشرافالعرب.

وقال الثالث:

أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه

وقوّمها بالسيف حتى استقامت

ركاباه لا تنفك رجلاه عنهما

إذا الخيل في يوم الكريهة ولّت

فترك قتله وقال: لعله من شجعانالعرب.

فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج، فأحضرهم وكشف عن حالهم،فإذا

الأول ابن حجام، والثاني ابن الخباز، والثالث ابنحائك.

فتعجب الحجاج من فصاحتهم، وقال لجلسائه: علّموا أولادكم الأدب، فلولافصاحتهم لضربت أعناقهم، ثم أطلقهم وأنشد:

كنابن من شئت واكتسب أدباً

يغنيك محموده عن النسب

إنالفتى من يقول هاأنذا

ليس الفتى من يقول كان أبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق